"أرض البشر" لأكزوبرى - الكتاب الرابع من مبادرة "كتاب من كل دولة"
"الطيارة آلة دون ريب ، ولكن أية أداة تحليل هى. لقد جعلتنا هذه الأداة نكتشف الوجه الحقيقى للأرض. فى الواقع، إن الطرق قد خدعتنا طوال اعصر. لقد كنا نشبه تلك العاهلة التى رغبت فى زيارة رعاياها ومعرفة ما إذا كانوا مسرورين فى ظل ملكها. فأقام المتملقون من حاشيتها زينًا جميلاً على دربها كى يخدعوها ودفعوا لمأجورين كى يرقصوا. وهكذا، باستثناء هذا الخيط الهزيل المدبَّر، لم تر شيئًا من مملكتها ولم تدر قط ان فى أطراف الريف يلعنها اولئك الذين يموتون جوعًا" أرض البشر ص73
بهذه الفقرة يعبر الأديب انطوان ده سانت عن شغفه الممتد إلى واقعه بعالم الطيران الذى ينتمى إليه وما يحمله من حب استطلاع وكشفٍ تحدثه الطائرة. الطائرة هنا هى إحدى أبطال العمل بخلاف الراوى والصحراء الذى يُقذف إليها وتبتلعه على مدار صفحات الرواية. ربما العمل هو جامعٌ بالفعل بين أن يكون رواية وسيرة ذاتية لكاتبِه ، ولعلَ أبرز ما جاء معبرًا عن هذا بخلاف ما سبق ذكره هو تدافع الحكمة على لسان البطل فى الفصل الأخير كأن الأديب قرر أن يُطلع قراءه على بعض ما تعلمه خلال رحلة حياتِه :" كل مافى الإنسان متناقض، هذا نعرفه جيدًا." "ولكنى خنت غايتى إذا كنت قد بدوت أحثُكم على الإعجاب أولا بالرجال. مايستحق الاعجاب أولا، انما هى الأرض التى أسَّستهم." "الحب ليس هو أن نتبادل النظرات وانَّما أن ننظر معًا فى اتجاه واحد." "ولكن الحرب اليوم تدمِّر ما تزعم أنها تعمِّر" :عندما نعى دورنا مهما كان بسيطًا، فحينذاك فقط نصبح سعداء."
سوف نقرأ هذه الرواية وتتملكنا عواطف عدة، بين عاطفة التضامن مع تائه والشفقة عليه، وعاطفة الحزن لفقدان أحد الرفاق الذين لم نتعرف عليهم حتى، وعاطفة الرغبة فى الاستدرار من تجربة الراوى، وعاطفة الفضول الذى يرافقه رغبة فى مغامرة مماثلة، وعاطفة الانتفاضة ضد الظلم :"ولكن فى موت إنسان،يموت عالم مجهول، وكنت أسائل نفسى عن الصور التى كانت تغوص فى ذاته."
سوف تسمع منه عن صفات العرب الذين قابلهم، عن إشارات بسيطة تخص أساسيات فى الأديان الشرقية الثلاث. ويتكرر الحديث عن نظرتِه الخاصة فى كلِ ما رأى وما سمع وما خبُرَ. ومع هذا، لن تمل ولن تتعجل الانتهاء من الرواية لأنها وبحق تستحق وقتك كيفما شاءت !
*عن المؤلف: أنطوان دى سانت (1900-1944) كاتب وطيار فرنسى. حاصل على إجازة فى الطيران وقد توفى فى إحدى العمليات. وهو مؤلف الرواية الأشهر "الأمير الصغير" وقد أشرنا إلى هذه الرواية فى مقال سابق نُشر فى موقع ساسة بوست https://www.blogger.com/blogger.g?blogID=5644898757183987445#editor/target=post;postID=5620614335421169551;onPublishedMenu=allposts;onClosedMenu=allposts;postNum=16;src=postname
*عن المترجم: جوزيف الصايغ - لبنانى - ولد عام 1930 ونال ليسانس الآداب ودكتزراه علم الاجتماع الأدبى من جامعة باريس، لمزيد من المعلومات عنه عبر الرابط التالى http://www.albabtainprize.org/encyclopedia/poet/0386.htm
*الطبعة: انطوان ده سانت - أرض البشر - ت/جوزيف الصايغ-الهيئة المصرية العامة للكتاب- مكتبة الأسرة - سلسلة الأدب- ط1-2012
بهذه الفقرة يعبر الأديب انطوان ده سانت عن شغفه الممتد إلى واقعه بعالم الطيران الذى ينتمى إليه وما يحمله من حب استطلاع وكشفٍ تحدثه الطائرة. الطائرة هنا هى إحدى أبطال العمل بخلاف الراوى والصحراء الذى يُقذف إليها وتبتلعه على مدار صفحات الرواية. ربما العمل هو جامعٌ بالفعل بين أن يكون رواية وسيرة ذاتية لكاتبِه ، ولعلَ أبرز ما جاء معبرًا عن هذا بخلاف ما سبق ذكره هو تدافع الحكمة على لسان البطل فى الفصل الأخير كأن الأديب قرر أن يُطلع قراءه على بعض ما تعلمه خلال رحلة حياتِه :" كل مافى الإنسان متناقض، هذا نعرفه جيدًا." "ولكنى خنت غايتى إذا كنت قد بدوت أحثُكم على الإعجاب أولا بالرجال. مايستحق الاعجاب أولا، انما هى الأرض التى أسَّستهم." "الحب ليس هو أن نتبادل النظرات وانَّما أن ننظر معًا فى اتجاه واحد." "ولكن الحرب اليوم تدمِّر ما تزعم أنها تعمِّر" :عندما نعى دورنا مهما كان بسيطًا، فحينذاك فقط نصبح سعداء."
سوف نقرأ هذه الرواية وتتملكنا عواطف عدة، بين عاطفة التضامن مع تائه والشفقة عليه، وعاطفة الحزن لفقدان أحد الرفاق الذين لم نتعرف عليهم حتى، وعاطفة الرغبة فى الاستدرار من تجربة الراوى، وعاطفة الفضول الذى يرافقه رغبة فى مغامرة مماثلة، وعاطفة الانتفاضة ضد الظلم :"ولكن فى موت إنسان،يموت عالم مجهول، وكنت أسائل نفسى عن الصور التى كانت تغوص فى ذاته."
سوف تسمع منه عن صفات العرب الذين قابلهم، عن إشارات بسيطة تخص أساسيات فى الأديان الشرقية الثلاث. ويتكرر الحديث عن نظرتِه الخاصة فى كلِ ما رأى وما سمع وما خبُرَ. ومع هذا، لن تمل ولن تتعجل الانتهاء من الرواية لأنها وبحق تستحق وقتك كيفما شاءت !
*عن المؤلف: أنطوان دى سانت (1900-1944) كاتب وطيار فرنسى. حاصل على إجازة فى الطيران وقد توفى فى إحدى العمليات. وهو مؤلف الرواية الأشهر "الأمير الصغير" وقد أشرنا إلى هذه الرواية فى مقال سابق نُشر فى موقع ساسة بوست https://www.blogger.com/blogger.g?blogID=5644898757183987445#editor/target=post;postID=5620614335421169551;onPublishedMenu=allposts;onClosedMenu=allposts;postNum=16;src=postname
*عن المترجم: جوزيف الصايغ - لبنانى - ولد عام 1930 ونال ليسانس الآداب ودكتزراه علم الاجتماع الأدبى من جامعة باريس، لمزيد من المعلومات عنه عبر الرابط التالى http://www.albabtainprize.org/encyclopedia/poet/0386.htm
*الطبعة: انطوان ده سانت - أرض البشر - ت/جوزيف الصايغ-الهيئة المصرية العامة للكتاب- مكتبة الأسرة - سلسلة الأدب- ط1-2012
تعليقات
إرسال تعليق