إسرائيل والصين .. تقارب ليس على حساب الولايات المتحدة
العنوان الأصلى: يجب تطوير علاقتنا مع الصين فى الاقتصاد ومجالات أخرى
كتب: متن فيلناى
عرض وترجمة: ياسمين الطوخي
كتب اللواء احتياط (متن فيلناى) - الذى يشغل منصب رئيس الجامعة الصينية الدولية فى إسرائيل حاليًا، وشغل مناصب من بينها سفير إسرائيل فى الصين، وعضو الكنيست، ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلى- مقالاً فى معاريف الثلاثاء 14 سبتمبر 2021 بشأن تطوير العلاقات الإسرائيلية الصينية خاصة من الناحية الاقتصادية. وكذلك الدعوة لعدم اختيار طرف معين والبحث عن المصلحة الإسرائيلية. وإليكم نص المقال
يبدى عدد من الخبراء والمعلقين خوفًا متزايدًا فى الآونة الأخيرة، محذرين من التقارب الإسرائيلى الصينى. والسؤال هنا هل يجب على إسرائيل أن تختار جانبًا معينًا؟ والإجابة فى رأيى أن الشعب فى صهيون ليس لديه أى خيار لتجاهل الصين. حيث يجب علينا أن نتعلم كيفية العمل معهم، وأن نعرفهم. حيث أن أولئك الذين يعرفون الصينيين حقًا، يعرفون أن المرء مجبور على احترامهم؛ لكنه ليس مجبورًا على الخوف منهم.
فالصين هى أكبر دولة تجارية فى العالم. يبلغ الناتج المحلى لها حوالى 14 تريليون دولار فيما يبلغ معدل النمو حوالى 6٪ سنويًا. كما تمتلك الصين أكبر احتياطى من العملات الأجنبية يقدر بحوالى 3 تريليون دولار. فالصين هى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، وبالتالى يجب ألا نتجاهل هذه البيانات السابقة.
فالصين ليست مهمة فقط فى العالم، بل هى مهمة أيضًا فى علاقاتها مع إسرائيل. إذ تعد الصين ثانى أكبر شريك تجارى لنا. كما تمثل محرك نمو ضخم للبنية التحتية والاقتصاد الإسرائيلى.فقد زاد معدل التجارة مع إسرائيل بنسبة مئات فى المائة منذ إقامة العلاقات بين البلدين فى تسعينيات القرن الماضى، ويبلغ الآن أكثر من 15 مليار دولار في السنة. ووفقًا لتوقعات بنك إسرائيل، فالصين ستكون الشريك التجارى الأول لإسرائيل عام 2035.
بكين - مأخوذة من معاريف |
ففى العقود الأخيرة صعدت الصين إلى مركز المشهد العالمى كقوة هائلة، وتحدتنا فى العديد من المجالات. ليس فقط فى مجال الاقتصاد؛ ولكن أيضًا فى مجالات الثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا. حيث تعد الصين -العملاق الصاعد فى الشرق- ظاهرة فريدة من نوعها التى تنتمى إلى ثقافة قديمة وغنية تعود إلى آلاف السنين، حيث تتحرك فى تسلسل تاريخى لشعب يعيش فى وطنه.
ومن ناحية أخرى، فالصينيون يشيرون إلى أوجه التشابه بين الثقافتين الصينية واليهودية من حيث قيم التعليم والتفكير والأسرة والفلسفة القديمة وغيرها، والتي تتجذر فى الثقافة الصينية والفيلسوف كونفوشيوس وتعاليم البوذية.
لقد عملت كسفير لإسرائيل فى الصين لمدة أربع سنوات ونصف بدءًا من عام 2012. وهى السنوات التي تطور فيها الاقتصاد الصينى سريعًا وأصبح لاعباً هاماً يتنامى تأثيره فى العالم. لقد عاصرتُ هذا التطور المذهل عن قرب، وحاولت أن أفهم قدر الإمكان سلوكه واتجاهاته. وخلال تلك السنوات تعلمت الكثير عن الصين.
فقد تعلمت أن أقدر الصينيين، والأهم من ذلك أننى تعلمت أن الصين وإسرائيل تنظران إلى بعضهما البعض كشريكين استراتيجيين. فمن وجهة نظر الصين، تعتبر إسرائيل دولة مبتكرة وذكية وناجحة وتمتلك نواحٍ أكاديمية وشركات تكنولوجية متقدمة. حيث تمكنت إسرائيل فى وقت قصير نسبيًا وبدون موارد كثيرة من أن تصبح دولة غنية ومتطورة. لذلك تعتبر الصين إسرائيل دولة جذابة للتعلم والاستثمار والتعاون المثمر.
ومن جانب إسرائيل فإنها تستفيد من القوة الاقتصادية للصين. فبفضل هذه العلاقات الخاصة، تستأنف مشاريع البناء والبنية التحتية التي توقفت لسنوات عديدة منذ شهر مارس، كما نشهد المزيد من الاستثمارات الصينية في التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية (هاى-تك) بالإضافة إلى فتح الأسواق للشركات الإسرائيلية في الصين، كما تساعد الواردات الصينية فى خفض تكلفة المعيشة فى إسرائيل.
فكلا البلدين يرى فى تطوير العلاقات الثنائية مصلحة واضحة. حتى من الناحية الجيوسياسية، لمواجهة التهديد الإيرانى، فمن المهم بالنسبة لنا الحفاظ على العلاقات الخاصة التى أقيمت مع الصين.
لذلك، لن يضر الناقدون قليل من التواضع إزاء هذا الطرح. فنحن لا نتحدث هنا عن لعبة للطيبين مقابل الأشرار حيث لا ينبغى لإسرائيل أن تختار طرفًا، فنحن كدولة لدينا مصالح جوهرية مع الجميع. إسرائيل ليست لاعبًا على مقاعد البدلاء، ولكنها عامل مهم ولاعب محورى ورئيسى فى الساحة العالمية. ويجب أن نحافظ على العلاقات مع أفضل صديق لنا وهى الولايات المتحدة الامريكية؛ لكن لا ينبغى أن نتجاهل الصين وما تقدمه.
تعليقات
إرسال تعليق