كتاب (المسرحية السياسية في الوطن العربي) -فلسطين والنكسة في المسرح العربي

صورة الغلاف مأخوذة بواسطة جلجامش

عرض وكتابة: ياسمين الطوخى

يعد كتاب المسرحية السياسية في الوطن العربي للناقد المسرحي الدكتور أحمد العشري احد أهم كتب التي تناولت موضوع المسرح السياسي العربي خاصة في فترة ما بعد نكسة يونيو ٦٧. إذ ينقسم الكتاب إلي جزأين، الأول يتناول الإشارة للواقع الحضاري العربي آنذاك. والثاني المسرح السياسي العربي في ذلك الوقت.

والكتاب من القطع الصغير حوالي ١٠٠ صفحة، صادر عن سلسلة اقرأ عام ١٩٩٢.

ويري الدكتور أحمد العشري كما جاء في كتابه ضرورة الإشارة للواقع الحضاري العربي بمكوناته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومدي تأثير هذا الواقع علي المسرح السياسي. إذ يقسم هذا المسرح إلي أنواعٍ مختلفة: التحريضي والملحمي والتسجيل ومسرح الإسقاط السياسي. 


وقد بين الدكتور العشري مناط الاختلاف بين هذه الأنواع فيقول: المسرح التحريضي مباشر يطرح كثيرا من السياسة وقليلا من الفن.. أما الملحمي يعمد إلي الغريب ومخاطبة العقل. أما التسجيلي فيعتمد علي الحقائق والوثائق والإحصاءات ويسمي بالتوثيقي أيضا. أما مسرح الإسقاط السياسي فيعمد إلي الإبتعاد سواء مكانيا أو زمانيا حتي ينجو كاتبه من عوائق الرقابة. ولا ينسي الدكتور العشري التعرض إلي انواع أخري مثل مسرح الشوك ومسرح الحكواتي. 

وقد أفرد الدكتور العشري مقالا خاصة بالمسرح التحريضي بعنوان المسرح التحريضي : الإثارة و الدعاية. نشر في مجلة عالم الفكر يونيو ١٩٨٧


ولعل أبرز القضايا التي شغل بها المسرح السياسي العربي ما بعد النكسة، الهزيمة من جانب والمسألة الفلسطينية من جانب آخر. يقول الدكتور العشري:" إن علي الفكر السياسي أن يتحرك داخل نطاق الفن المسرحي وحدوده ومنطقه وبنلئه الخاص، بمعني أن السياسة عليها أن تكتسب من خلال الفن دلالات إنسانية عامة، وإلا أصبح أثرها محدودا..." ص٦


وقد أورد عن بعض الباحثين أسباب الهزيمة، فمن وجهة النظر العربية يري السيد يس أنها تتمثل في ٣ تيارات رئيسية هم: التيار العلماني الليبرالي، والتيار الإسلامي الديني، والتيار الثوري. 

أما من وجهة النظر العادية ممثلة في يهوشفاط هركابي فهم: التيار الإصلاحي، التيار الثوري، التيار الإسلامي، التيار الحكومي، تيار فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية. 


ويؤكد الكاتب علي ضرورة دراسة الواقع الاجتماعي والإمام به كمدخل لفهم الجو الثقافي السائد وحركة المجتمع علي المستوي الواقعي في السياسة والاقتصاد وفي تركيبة الطبقات الاجتماعية... حيث أن الكلمة والبارود ملتحمان التحامًا قويا في الأزمات والنكسات. ويؤكد في مقابل ذلك أن المسرح السياسي لا تقتصر وظيفته عل تصوير الواقع الحياني الحالي في المجتمع فقط وإنما تتخطي ذلك إلي توجيه المجتمع ومحاولة تغييره... 


ويعكس الكاتب ثقافته وإطلاعه الواسعيين علي مختلف الأعمال المسرحية العربية في فترة ما بعد النكسة حيث يعرج علي عشرات العناوين المسرحية ويأخذها بالشرح والتحليل الفني فيرصد من ذلك أن المثقف العربي لا يعاني في وطنه فقط بسبب القضايا والهموم العامة بل يعاني كذلك قضية الحرية وما يفرض عليه من رقابة. ويُجْمِل الدكتور العشري هذا الأمر في قوله بأن المسرحيين العرب يواجهون "انعدام حرية التعبير في معظم بلدان الوطن العربي... كما أن المحبين منهم لوطنهم يعبرون دائما عن رفضهم النبيل لأي نظام يجعل الثقافة خاضعة لرقابة... مما أدي إلي تعثر المسرح في الوطن العربي." 


ويختم الدكتور العشري كتابه قائلا:" فللنظام الاجتماعي تأثير حاسم في شكل الأدب وموضوعاته وتحديد حاسم لوضعه ومكانته بين أوجه النشاط الإنساني. "

ويعد هذا الكتاب مدخلا هاما للتعرف علي المسرح السياسي العربي خاصة في الفترة ما بعد نكسة ٦٧ والتعرف علي بعض ملامح الواقع الاجتماعي والأدب في ذلك الوقت.



تعليقات

المشاركات الشائعة