في ذكري العاشر من رمضان، تعرف علي وزير حربية معركة النصر أحمد إسماعيل

عرض وكتابة: ياسمين الطوخي    

     "لقد كنت مقتنغًا طوال مدة خدمتي العسكرية أن الرجل، لا بالسلاح، هو الذي ينتصر، فالنصر يتكون أولاً في قلوب الرجال ثم يكتسبه الرجال في ساحة القتال، وعلي هذا لا يمكن للمقاتل مهما تكن رتبته أو درجته ومهما تعطه من سلاح أن ينجح أو ينتصر إلا إذا وثق في نفسه أساسًا، ووثق في قادته وفي سلاحه وفي عدالة قضيته، كل هذا

 إلي جانب إيمانه أولاً وأخيرًا بالله."

غلاف الكتاب .. مأخوذة بواسطة مدونة جلجامش

     هذه الكلمات التي كتبها المشير إسماعيل ليؤكد أن حجر الزاوية في خطته لاستعادة الأرض كانت الجندي المصري ومن ثم يأتي السلاح والعتاد الذي لم يكن ليطمح أن يكون أحدث الأسلحة الموجود آنذاك. فكان الجندي المصري أولاً وأخيرًا ويقينه بالله وبقدراته وتدريبه وعلمه، ثم أي شيء أخر.

     (مشير النصر – مذكرات أحمد إسماعيل وزير الحربية في معركة أكتوبر 1973) صادر عن دار نهضة مصر عام 2013، كتبها المشير أحمد إسماعيل وحررها الأستاذ مجدي الجلاد. يأتي الكتاب من القطع الصغير لا تتعدي 250 صفحة بالملاحق والصور. ويصف ابنه السفير محمد أحمد إسماعيل في مقدمته للكتاب بعنوان (قبل أن تقرأ) عن سبب نشر المذكرات في ذلك التوقيت بأنه "تتسم فترة تولي أحمد إسماعيل لقيادة القوات المسلحة بأنه لم يلعب سياسة مثل من سبقوه سواء كان الفريق أول محمد فوزي أو الفريق محمد صادق، بل استطاع أن يخرج الجيش من السياسة وأن يكون تركيزه الأساسي علي شن حرب التحرير..."[1]

     ربما كُتبت السيرة الذاتية مختصرة وأعذر المشير في ذلك لأنها كُتبت في فترة التقاعد المؤقت مصحوبة بالمرض إن لم يتدخل أحد لتقليصها، علاوة علي أنها سيرة ذاتية للجانب العسكري في شخصية المشير دون التعرض للجوانب الشخصية والبشرية الطبيعية إلا لمامًا. ولا أنكر أنني –رغم ذلك- أحببت القراءة عن وزير الحربية في نصر أكتوبر خاصة وأنه مات بعد عامٍ من الحرب فلم يشهد المراحل الباقية لاسترجاع الأرض.

     استعرض الكاتب أبرز محطاته خلال فترة خدمته في الجيش منذ زمالته لعبد الناصر والعمل تحت قيادته. مر سريعًا علي الخلاف بين ناصر وعامر مؤكدًا وجوده، كما مر سريعًا علي خلافه مع قائده صدقي. اعترف بالعوار الذي أصاب الجيش وقت قيادة عامر ما أدي بالبلاد إلي الهزيمة في عام 67. لكنه؛ ركز أكثر علي إعادة بناء الجيش ومساهمته في ذلك، كما ذكر بطولات الجيش في حرب الاستنزاف وأبرزها: تدمير مدمرة إيلات، ومعركة

 الجزيرة الخضراء ...

من داخل الكتاب .. مأخوذة بواسطة مدونة جلجامش

    كما أنه أوضح الأهمية الاستيراتيجية من وجهة نظره العسكرية لنظرية الأمن الإسرائيلي (ونظرية الحدود الآمنة) وعلاقتها بخليج العقبة فأكد علي أهمية شرم الشيخ البالغة للإسرائيليين.[2] كما عرج علي فترتي تقاعده المؤقت، ومن ثم عودته في الثانية كرئيس لجهاز المخابرات أيام الرئيس السادات. فذكر علي سبيل المثال نجاح الجهاز في عمليتي (هبة وسليم وراندوبولو)[3]

     وبالطبع فإن الجزء الأكثر جذبًا كان عن حرب أكتوبر والتخطيط لها والانتصار، ولعل أبرز ما لفت نظري هو تأكيده ان خطة استرجاع الأرض كانت موضوعة منذ البداية علي أساس عسكري ومن ثم سياسي، فلم تكن مفاوضات السلام فيما بعد إجراء وليد اللحظة لدي السادات. ولكن؛ لم يوضح المشير إسماعيل هل كانت سوريا علي علم بالخطة كاملة أم أن التنسيق اقتصر علي الخطة العسكرية.

     

     يقول المشير أحمد إسماعيل: "لقد حققنا انتصارًا كبيرًا...بل حقننا انتصارًا مضاعفًا.لأنني تمكنت من الخروج بقواتي سليمة بعد التدخل الأمريكي السافر في المعركة. لقد كانت سلامة قواتي شاغلي طوال الحرب... وكان عليّ أن أوفق بين ما بذل من جهد لا يمكن أن يتكرر بسهولة، وبين تحقيق الهدف من العمليات..."[4]

     وختامًا، فإن أهم ما أكد عليه المشير أحمد إسماعيل هو أن "الرجل بالسلاح، وليس السلاح بالرجل" فأجدادنا الفلاحين الذين حاربوا واستشهد بعضهم في سيناء، هم السلاح الحقيقي الذي امتلكته مصر. لأنهم آمنوا بحقهم وعدالة قضيتهم. وهو ما يؤكده المشير إسماعيل، فثروة مصر الحقيقية هي قوتها البشرية القوية.

دولا مين ودولا مين

من الكتاب .. مأخوذة بواسطة مدونة جلجامش
دولا عساكر مصريين

دولا مين ودولا مين

دولا ولاد الفلاحين[5]

 



[1] كتاب مشير النصر – مذكرات أحمد إسماعيل وزير الحربية في معركة أكتوبر 1973 صادر عن دار نهضة مصر عام 2013، كتبها المشير أحمد إسماعيل وحررها الأستاذ مجدي الجلاد، صـ9

[2] أكد موشيه ديان علي أهمية شرم الشيخ في كتابه () واصفًا إياها في جملته الشهيرة (شرم الشيخ بدون سلام أفضل من سلام بدون شرم الشيخ)

[3] تم تناول عملية هبة سليم في رواية الكاتب الراحل صالح مرسي (الصعود إلي الهاوية) كما تم تحويلها إلي فيلم سينمائي شهير بالاسم نفسه.

[4]  كتاب مشير النصر – مذكرات أحمد إسماعيل وزير الحربية في معركة أكتوبر 1973 صادر عن دار نهضة مصر عام 2013، كتبها المشير أحمد إسماعيل وحررها الأستاذ مجدي الجلاد، صـ29

[5] راجع قصيدة دولا مين للشاعر الأستاذ أحمد فؤاد نجم، غناء وتلحين الشيخ إمام. كُتبت بمناسبة انتصار أكتوبر 1973، للقصيدة كاملة متاحة علي هذا الرابط https://www.diwanalarab.com/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7-%D9%85%D9%8A%D9%86

تعليقات

المشاركات الشائعة