قاهرة رضوي عاشور - قطعة من اوروبا شكلاً وموضوعًا
عرض وكتابة: ياسمين الطوخي
"ماذا
صنعتم ياجدي، كيف أوصلتمونا إلي مانحن فيه؟"[1]
تطرح حفيدة
الناظر في رواية الكاتبة رضوي عاشور (قطعة من أوروبا) هذا السؤال ببراءة وببساطة.
ويحاول الجد الإجابة عنه بجانب أسئلة أخري عبر حوالي 230 صفحة أخري.
يمكن أن تقرأ الرواية عبر عدة كلمات مفتاحية: التاريخ، الحروب، الصهيونية، المعمار، اليهود، القاهرة، شهرزاد، ومحمود. كما يمكن أن تقرأها في شكل مسرحية إذا رتبت بعضها. فمثلا:
![]() |
مأخوذة بواسطة مدونة جلجامش |
المكان: القاهرة – مصر
الزمان: متقاطع (يغلب عليها القرنان 19و 20) مع تقاطعات من
أيام أخري
الشخصيات: الناظر، شهرزاد، محمود، بعض الحكام والأمراء، آل روتشيلد،
اليهود والانجليز، أم عبدالله، الطفل فارس عودة، الجندي الإسرائيلي كردي وغيرهم...
الأحداث: متقاطعة مثل الزمان
بين مظاهرات
فبراير 1946، ومذبحة الإسماعيلية 1952
بين حريق القاهرة
وإعدام خميس والبقري
بين زيارة هرتزل
لمصر 1903 ودخول طلائع القوات البريطانية القدس 1917
وبين رسائل
بنجامين دزرائيلي إلي سلينا 1875 ،وعرض اوبرا عايدة لفردي عام 1871 بدار اوبرا إسماعيل.
وبين وفاة يعقوب
قطاوي 1883، وزيارة وفد من اليهود لمقر المعتمد البريطاني في أغسطس 1917
حريق فندق شبرد
1952، وافتتاح عبدالناصر لمقره الجديد 1957
وبين وفاة جروبي
1947 وتأميم قناة السويس 1956
وغيرها من أحداث
يمكن أن تكون إجابات محتملة لسؤال شهرزاد الحفيدة: "ماذا صنعتم ياجدي، كيف أوصلتمونا إلي مانحن فيه؟"
ويمكن
أن نسأل بصيغة أخري (أين كنا في الفترة بين وصول ماركو باروخ مصر 1896 وإقامته في
درب البرابرة وإنشائه الجمعية الصهيونية في القاهرة، وبين إعلان وعد بلفور 1917؟)
ربما كنا مشغولين
بالاستقلال عن المحتل الإنجليزي، أو ربما كنا مشغولين بالاقتصاد الذي يدمره
الاحتلال والإقطاع والفساد، أو ربما لم نكن نري معني سيئ في إنشاؤ جماعة باروخ
كوخبا وجماعة أبناء هرتزل وأول مدرسة صهيونية بالقاهرة عام 1901!
هل
تكفي هذه الإشارات لتبين بعض أحداث هذه الرواية؟
أما عن الديكور
والملابس فحدث بلا حرج: فهو إما منمق يتسم بالبزخ في عصور
إسماعيل ورجال البلاط ورجال الأعمال الكبار.
وهو إما بسيط
ومتواضع وأحيانا قذر لدي الشعب العادي في أغلب العصور ويزيد في عصور الانتباه
الوطني وحركات التحرر.
وهنا
يتكرر سؤال شهرزاد بصيغة أخري، هل انتهت أحداث الرواية بانتهاء الرواية بل وموت
كاتبتها؟
الإجابة تبدأ مع
عام إصدارها 2003 والحدث الأبرز (احتلال العراق).
وتنتهي علي لسان
محمود في الرواية:"الصغار الذين يواجهون الدبابة في فلسطين، يفعلون عملا
جنونيا، يختارون لحظة مطلقة من المعني، والقدرة، حرية مركزة وبعدها الموت، يشترون
لحظة واحدة بكل حياتهم، هذا جنون، ولكنه جنون جميل لأن اللحظة أثمن من حياة ممتدة
في وحل العجز والمهانة."[2]
وأخيرا، هل يمكن
أن نتحدث عن الرواية بشكل مركز ململمين كل الخيوط وملخصين كل الأفكار وموضحين كل الكلمات؟
فإن أي محاولة من تدخل تُخل بمعمار الرواية كما أخلت محاولات مشابهة في أرض
الرواية بالنسيج المعماري للقاهرة. وربما نتوقف هنا لننهي بجملة الناظر:"أردتُ
أن أنهي حكايتي علي طريقة الأساطير، تنتصر للحق زتستقطر من ألم أبطالها إكسيرا
لاستمرار الحياة..."[3]
[1] رضوي عاشور – قطعة
من أوروبا – دار الشروق – الطبعة الثالثة 2015 – صـ91
[2] رضوي عاشور – قطعة من أوروبا – دار الشروق – الطبعة الثالثة 2015 – صـ174
[3] رضوي عاشور – قطعة من أوروبا – دار الشروق – الطبعة الثالثة 2015 – صـ231
تعليقات
إرسال تعليق