لنعتمد على أنفسنا - نظرة إسرائيلية لما بعد 7 أكتوبر
بقلم/ د.يهودا بلنجا
عرض وترجمة/ ياسمين الطوخي
نشر موقع إسرائيل اليوم ف السادس عشر من يوليو الجاري مقالاً بعنوان
(لنعتمد على أنفسنا) للدكتور يهودا بلنجا - الخبير بالشأن العربي في قسم الشرق
الأوسط بجامعة بار إيلان. تحدث فيه عن تقييمه لبعض الدروس المستفادة بعد 7 أكتوبر
لتلاشي تكرار مثل هذا مستقبلاً، مشيرًا إلي نظرته إلى الدور المصري فيما يخص محور
فيلادلفيا وضرورة سيطرة إسرائيل عليه. وإلي نص المقال مترجمًا عن العبرية:
محور فيلادلفيا أرشيف - نقلا عن إسرائيل اليوم
العنوان: لنعتمد على أنفسنا
يتعلم كل جندي خلال خدمته
العسكرية هذه القاعدة (ألا يتم انتهاك خط الاتصال أبدًا) أي انتهاك خط المواجهة
بين المدافع والمهاجم. وهذه القاعدة
مستوعبة جيدًا بين القادة البارزين والمقاتلين الموجودين في خط المواجهة. ويبدو
أنه يوجد في إسرائيل من يريدون أن يتنصلون أو يتهربون من هذه القاعدة ومن التحذير
الذي تنطوي عليه.
ففي ديسمبر 2021 انتهي الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن من بناء حاجز تكنولوجي متطور أمام قطاع غزة. طوله حوالي 65 كيلومتر بتكلفة 2 مليار شيقل. وزعم رئيس الأركان أفيف كوخابي آنذاك أن المشروع جزء من مفهومنا الدفاعي في البر والجو والبحر وبشكل عام. وأكد أن الحاجز سيغير الواقع.
ومن جانبه، تبني وزير الأمن بيني جانتس هذه الكلمات بنفس
المفهوم وأعلن أن الحاجز هو مشروع تكنولوجي وإبداعي في المقام الأول والذي يحرم حماس من
قدرتها التي تحاول تطويرها، ليضع حائط حديدي ومجسات وخرسانات بينه وبين سكان
الجنوب.
وللسخرية، فقد انهار حاجز جيش الدفاع الرائع بالإضافة إلى
المفهوم الأمني الذي يشكله. حيث فضل الجيش الاعتماد على وسائل تكنولوجية مقابل عدم
التواجد على الأرض. بالضبط مثلما حدث في السنوات السابقة لحرب أكتوبر 1973 حيث تم
تخفيف القوات في منطقة القناة وقرر الجيش عدم تحصين أكثر من نصف الدفاعات بها.
وبعد إقامة هذا الحاجز قامت فرقة غزة التابعة للجيش الإسرائيلي بعدة تدريبات،
كان الهدف منها هو وضع عدة سيناريوهات أبرزها: تعامل هذه الفرقة مع تسلل
الإرهابيين للمستوطنات الإسرائيلية سواء من البحر أو البر. وكانت الفرضية هنا هي
أن خط الدفاع لن يتم اختراقه أبدا. ولكن في 7 أكتوبر 2023 تم اختراقه بالفعل.
وبعد 50 سنة من تدمير المصريين لخط بارليف في حرب يوم كيبور (الذي لم يكن
أبدًا خط دفاع). (يقصد حرب أكتوبر 1973) انهار
الجدار الحديدي لغزة لقطاع غزة. وذلك بسبب عزيمة الطرف الآخر (يقصد المقاومة
الفلسطينية) وإبداعه وبساطة خطة عمله.
ولكن حاجز جيش الدفاع الرائع انهار جنبًا إلي جنب مع وجهة النظر الأمنية
التي تقف خلفه بالأساس حيث فضل جيش الدفاع الاعتماد على وسائل تكنولوجية وليس
التواجد على الأرض. مثلما حدث بالضبط في السنوات التي سبقت حرب أكتوبر حيث خفف
قواته في القناة وقرر عدم تحصين أكثر من نصف الدفاعات هناك.
وتقودنا هذه النقطة للحديث الجاري اليوم بشأن المسئولية الأمنية في محور
فيلادلفيا في اليوم التالي.
فإذا أردنا التعلم من التاريخ، فإنه ممنوع تمامًا على إسرائيل أن تتنازل عن
التواجد والسيطرة علي هذا المحور الاستراتيجي. وبالطبع ألا تعتمد مرة أخرى على
وسائل تكنولوجية تقوم بالعمل نيابةً عنها.
وفي إطار مسار المفاوضات القادمة ووفقًا لرؤية بايدن. فإنه في المرحلة
الثانية من الصفقة ستتوقف الحرب نهائيًا. وسوف يتم تحرير المخطوفين خاصة الجنود
الموجودين في غزة "مقابل الإرهابيين المسجونين في إسرائيل". وينسحب جيش
الدفاع تمامًا من غزة. ودلالة هذا الحديث أنه بعد الانسحاب ستستطيع حماس وبقية
المنظمات الإرهابية تجديد مخزونها من الأسلحة والعودة للسيطرة علي قطاع غزة في وقت
قصير.
وفي عام 2005 وخلال خطة فك الارتباط في قطاع غزة، فإن
إسرائيل انسحبت من محور فيلادلفيا مع بقاء تفاهمات أمنية مع القاهرة. ووضع المصريون
حوالي 750 جندي بطول المحور لمحاربة الإرهاب ومنع التسلل والتهريب خاصة للأسلحة.
ولكن بدا أن المصريين ليسوا علي قدر القيام بهذه المهمة,
إذ في عام 2007 وبعد وصول حماس للسلطة، تطورت صناعة التهريب المشبوهة من سيناء
لغزة. ومن تكسبوا من هذا كانوا الغزاوية والتجار المصريين في سيناء من جانب، ومنظمات
الجريمة وجنود وقوات الأمن المصري من جانب آخر. والذين من المفترض بهم منع التهريب.
ولكن بدلا من ذلك، تلقوا رشاوي مقابل غض الطرف عن هذه الأمور.
وفي القاهرة أنكروا ذلك بالطبع خاصة عندما أعلنت إسرائيل عن رغبتها للسيطرة
علي المحور مرة أخري، هدد المصريون بتجميد العلاقات. وهكذا تم تأجيل الخطوة التي
كانت من شأنها أن تبدأ الحرب مرارًا تبعًا لرغبة المصريين والامريكان.
وأخيرًا، فإن أحد أهم الاستنتاجات المهمة من 7 أكتوبر هو أن
إسرائيل تستطيع فقط الاعتماد علي نفسها فيما يتعلق بمنع التهريب والأعمال
الإرهابية. ويتجلى ذلك في عدد الأنفاق التي كشفها جيش الدفاع الواصلة بين سيناء وبين
قطاع غزة منذ بدء العملية في القطاع. بجانب الكميات الهائلة من الأسلحة. وهذا يدل
علي فشل المحاولة المصرية في السيطرة الأمنية على القطاع.
بالإضافة إلي هذه الحقيقة، فثمة حقيقة أخرى وهي انهيار الجدار الحديدي
التكنولوجي بين إسرائيل وقطاع غزة والتي توضح إلى أي مدى لا يمكن استبدال التواجد
الإسرائيلي على الأرض.
تعليقات
إرسال تعليق