عرض وترجمة: ياسمين الطوخي
بين
بوتسدام ورفح: الطريق إلى تحالف أمني إقليمي يمر بغزة
كتبت كلٌ من الدكتورة رونيت لفين
والبروفيسور دفنا يوئل عضوتا هيئة التدريس بجامعة تل أبيب، ومؤسستا منتدى (اليوم
التالي للحرب)، والقائدتان بحركة (المصلحة الإسرائيلية – تحالف أمني إقليمي)
مقالاً في معاريف في الخامس والعشرين من يوليو الماضي يتناول خطاب نتنياهو في
الكونجرس حول إنشاء تحالف أمني إقليمي لحماية أمن إسرائيل، وكذلك مستقبل الصراع
العربي الإسرائيلي (ما يطلق عليه إعلاميًا حاليًا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي).
 |
نتنياهو في الكونجرس نقلا عن سكاي نيوز |
وإلي نص المقال مترجم:
تعد الحرب العالمية الثانية مصدر إلهام لنتنياهو وذلك من أجل وصف طريقة
التصرف الإسرائيلي في التعامل مع الفلسطينيين. فوفقًا لمبادئ إعلان بوتسدام،
ستنتهي الحرب في اللحظة التي تستسلم فيها حماس، وتضع أسلحتها جانبًا، وتعيد
المخطوفين.
حيث وصف نتنياهو
رؤيته للشرق الأوسط في خطابه في الكونجرس الأمريكي (في 24 يوليو 2024) قائلاً أن
الولايات المتحدة وإسرائيل سوف يقيما تحالف أمني إقليمي (في الإشارة إلى اتفاق
إبراهام) والذي بموجبه سيتم مواجهة تهديد إيران وأذرعها الإرهابية في أنحاء الشرق
الأوسط. ووفقًا لرؤيته للتحالف، قال نتنياهو أن كل الدول التي أبرمت سلامًا مع إسرائيل
أو سوف يبرمون سلامًا مدعوون للانضمام إلى هذا التحالف. وهو ما رأيناه عند تحين
الفرصة من قبل إيران والتي تجسدت في هجومها في 14 ابريل.
ورؤية التحالف الطامح
لجمع المعتدلين في الشرق الأوسط ضد إيران تم استلهامها من التحالف الذي أقامه
الامريكان والاوروبيون في أعقاب الحرب العالمية الثانية وذلك من أجل مواجهة
التهديد الذي يمثله الاتحاد السوفيتي.
حيث تعد الحرب
العالمية الثانية كما أسلفنا هي مصدر إلهام لنتنياهو وذلك لوصف طريقة التصرف
الإسرائيلي في التعامل مع الفلسطينيين. فإن أحد النجاحات التي حققها الحلفاء
بقيادة الولايات المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية هو الطريقة التي أنقذوا
بها الانتصار العسكري الساحق ضد اليابان وألمانيا وذلك من أجل جعل كل دولة منهما
مزدهرة وآمنة ومحبة للسلام.
حيث نجح الامريكان
في وعد كلتا الدولتين قبل نهاية الحرب (سواء لألمانيا في ميثاق الأطلسي عام 1941
أو لليابان في إعلان بوتسدام عام 1945) بآفاق رحبة من التقدم والأمن والاستقلال. وصاحب
هذا الوعد إجراءات حازمة من قبل الحلفاء بعد إخضاع ألمانيا واليابان. حيث تم
الاستثمار في الموارد الطبيعية لدى
هذه الدول، بجانب اجتثاث التطرف منهما. وذلك عن طريق التحكم في برامج التعليم
وإصلاح مؤسسات الحكم. بالإضافة إلى هذا، أدركت دول أوروبا أنه عليهم العمل معًا من
أجل الوقوف ضد أعداء الحرية. ووضعوا في الفترة نفسها الأسس لإنشاء الاتحاد
الأوروبي.
وليس من العبث أن
يحدد نتنياهو رؤيته لقطاع غزة والفلسطينيين مستندًا على مبادئ إعلان بوستدام.
وتطبيقًا لمبادئ هذا الإعلان بالنسبة لغزة،
فإن الحرب ستتوقف بمجرد استسلام حماس وإخضاعها، ووضع أسلحتها جانبًا، وإعادة
المخطوفين. وسوف تنتقل السلطة في قطاع غزة فورًا للفلسطينيين إذا وضُح أنهم قادرون
على إقامة حكم معتدل لا يطمح لتدمير دولة إسرائيل. بالإضافة إلى تمتع الفلسطينيين
بمستقبل من الأمان والتقدم والسلام.
ولكن لماذا لم يحدث
كل هذا حتى الآن؟ سؤال يطرح نفسه. وعليه، يمكن تحديد ثلاثة أسباب رئيسية إجابةً
على هذا السؤال.
أولاً: أن السابع من
أكتوبر هو حدث مزلزل بشكل كبير في المنطقة، والذي أوضح للدول المعتدلة في المنطقة
مدى الخطر الذي تمثله حماس كميليشيا تابعة لإيران على استقرار الشرق الأوسط كله.
وبالتالي، فإن إعادة تشكيل المصالح نقطة يجب أن تدخل في حيز التنفيذ. والحقيقة هنا
أن إسرائيل تتلقى الدعم الصريح أو الضمني في حربها ضد حماس.
ثانيًا: إن التفكير
في رؤية استراتيجية عليا لدولة إسرائيل قد انحسرت في السنوات الماضية في سؤال بشأن
وجود أو عدم وجود دولة فلسطينية. ففي
اللحظة التي فيها يتم توسيع دائرة النظر تجاه الشرق الأوسط كله، مثلما فعل نتنياهو
- عندما حذر العالم من إيران وأبرم اتفاقات أبراهام- فبالطبع سيكون أمن إسرائيل
متعلق بنعم ولا خاصة في حال إبرام اتفاق إقليمي بين إسرائيل والمعتدلين في الشرق الأوسط
ضد الجهاديين.
وبالتالي فنحن نفهم أن هذا هو السؤال الرئيسي. ثم يترتب عليه سؤال آخر
متعلق بالفلسطينيين وهو هل سيكون الفلسطينيون معتدلين أم جهاديين؟ فنحن نرى عبر
التاريخ أنه من أجل ضم الفلسطينيين لمعسكر المعتدلين، فمن المهم تحويل الانتصار
العسكري الساحق إلى حالة من الأمن والتقدم للأجيال. ومن المهم أيضًا، وعد
الفلسطينيين بأن التخلي عن طريق العنف سيقود في النهاية إلى مستقبل ملئ بالتقدم
والأمان والاستقلال. أو بكلمات أخرى، سيقود إلى دولة فلسطينية محبة للسلام جنبًا
لجنب مع دولة إسرائيل. مثلما حدث عقب الحرب العالمية الثانية مع اليابان وألمانيا.
وثالثًا وأخيرًا: فالحديث هنا يتعلق بالانقسام الداخلي في المجتمع
الإسرائيلي. حيث حان الوقت للعمل معًا من كل أطراف الطيف السياسي. وذلك من أجل هدف
واحد وهو إقامة تحالف أمني إقليمي لكل القوى المعتدلة في الشرق الأوسط والذي سوف
يكون بؤرة جاذبة للشعوب والدول للتخلي عن طريق العنف والإرهاب. والإيمان بأن هذا
هو كل ما نملكه الآن!
تعليقات
إرسال تعليق