الفنون البصرية بين الأعراف والثورة عليها
الفنون البصرية بين الأعراف والثورة عليها
بقلم/ ياسمين الطوخي
تطورت الفنون بصورها المختلفة خلال النصف الثاني من
القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين إلى الحد الذي اُعتبر أنه ليس تطور فحسب
بل ثورة على الأعراف التقليدية لهذه الفنون وأبرزهم: الفن التشكيلي، والسينما،
والتصوير.
أولاً: بالنسبة للفن التشكيلي:
اُعتبرت المدرسة الانطباعية في فرنسا ثورة في الفن
التشكيلي، وخروجًا عن تقاليد المدرسة الكلاسيكية فيه. إذ ارتبطت بالخروج من المرسم
إلى الطبيعة لنقل تفاعل الضوء مع المناظر الطبيعية تبعًا لرؤية الفنان.
![]() |
لوحة انطباع شروق الشمس - كلود مونيه |
وقد شجع التطور العلمي انتشار هذه المدرسة حيث ارتبطت بتطور اختراع التصوير الفوتوغرافي آنذاك، واختراع أنبوب الزيت، وتحليل الضوء. وغيرهم من بديهيات عصرنا.
ونرى الانتقال بين المدرستين في هاتين اللوحتين، حيث رسم كلود مونيه لوحتين بالعنوان نفسه still life with pears and grapes
![]() |
اللوحة عن المدرسة الكلاسيكية - موقع كلود مونيه |
![]() |
اللوحة من المدرسة الانطباعية - موقع كلود مونيه |
ولعل من أشهر فناني هذه المدرسة: كلود مونيه، وبيير أوجاست رينوار، وبول سيزان.
ثانيًا: بالنسبة
للتصوير الفوتوغرافي:
يعد أوجين أتجيه الفرنسي هو رائد الثورة
في عالم التصوير الفوتوغرافي حيث
خرج إلى الشارع واستخدم الصورة في توثيق باريس القديمة. فقد: "استحوذت عين
أتجيت الثاقبة على العجائب المعمارية ومشاهد الشوارع والحياة اليومية للمدينة التي
كانت تتغير بسرعة بسبب التحديث. أصبح كتالوج الصور الفوتوغرافية الخاص به سجلاً لا
يقدر بثمن لباريس التي اختفت منذ فترة طويلة."[i]
يمكن القول أن التصوير الفوتوغرافي لقى
استخدامًا آخر ولم يعد حكرًا على المناظر الجميلة وأوجه الأغنياء على يد أوجين
أتجيه.[ii] إذ أن تصوير المدينة مثل
نقطة تحول كبرى، سنرى تأثيرها فيما بعد على السينما الإيطالية.
ثالثًا: بالنسبة
لسينما الواقعية الجديدة:
فقد ظهرت في إيطاليا أعقاب الحرب
العالمية الثانية تأثرًا بالهزيمة في الحرب ورفضًا للواقع آنذاك. حث انشغلت
السينما الإيطالية قبل الحرب بتصوير القصور والأحياء الراقية وقصص طبقات الأغنياء.
أما الواقعية الجديدة فقد انشغلت بالخروج
إلى الشارع والتصوير فيه لنقل روح المدينة والابتعاد عن الاستوديو، كما اتجهت إلى
توظيف ممثلين هواة وليس ممثلين محترفين، وارتجال السيناريو، وتجنب احتوائه على
حوارات أدبية منمقة، كما بدا أسلوب هذه السينما تسجيليًا.[iii]
ويعد المخرج فيتوريو دي سيكا
والسيناريست سيزار زافاتاني من رواد ومنظري هذه المدرسة السينمائية. ولهما عدد من
الأفلام المشتركة أبرزهم: فيلم امبرتو دي الذي فشل بعد عرضه مباشرة في بدايات خمسينات
القرن الماضي في إيطاليا. حيث اعتبره النقاد والجمهور متشائمًا وقاتمًا آنذاك. كما
اتهموه بأنه يشوه سمعة إيطاليا في الخارج.
وأخيرًا، فقد استعرضنا سريعًا لمحات من
التطورات التي لحقت بأنواع مختلفة من الفنون باعتبارها ثورة في وقتها أحدثت وقعًا
كبيرًا، وجعلت من المدينة فضاءً لها من حيث الإنصات، والـتأمل، والتفاعل،
والإبداع.
تعليقات
إرسال تعليق